الأربعاء، 12 أغسطس 2009

كأني ومالكاً لم نبت ليلة معاً

كم من المواقف العابرة خسرت بها المرأة الرجل، وتقوضت أركان بيتها! بسبب تعليقات عابرة ولكن كانت سهامها نافذة، وجراحها مدمية، أصابت الرجل في إحدى مقاتله!.

هذه ميسون زوجة معاوية بن أبي سفيان تنشد:
لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إليّ من قصر مشيد
فطلقها وأرسلها إلى البادية، فخسرت خليفة الأمة!

وهذه لبابه بنت الحسين، عندما رمى لها هشام بن عبد الملك بتفاحة بعدما عضها! دعت بسكين لتقطعها، فقال لماذا؟
فقالت: أميط عنها الأذى؛ فطلقها، فخسرت خليفة الأمة.

وفي الوقت الذي ضلت فيه كبيرات القوم وسيداته، وأبعدن النجعة في فهم طبيعة الرجل، وسبر أغواره، فهمت تلك الأعرابية بذكائها الفطري كنه أسراره.
فقالت: إن انطق أطلق، وإن أسكت أعلق!
ولله در أم صالح زوجة الإمام أحمد بن حنبل، عندما قال فيها: مكثت أنا وأم صالح ثلاثين سنة لم نختلف أنا وهي في كلمة!
ولعل هذه المقولة صائبة – إن الزواج الموفق مزيج من زوج لا يسمع، وزوجة لا ترى.

طبيعة بشرية أم سنة كونية؟!

في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال : " إياكن وكفر النعمة".
قلت : يا رسول الله ما كفر النعمة؟
قال: لعل إحداكن تطول أيمتها من أبويها ثم يرزقها الله زوجاً ويرزقها منه ولداً، فتغضب الغضبة تكفر؛ فتقول: ما رأيت منك خيراً قط؟ [رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني].
فقد أصاب كبد الحقيقة، وقرر طبيعة المرأة التي جبلها الله عليها، ويجب أن يتفهم الرجل ذلك فيها ويغض الطرف عن بعض هناتها.
فابتداء من المشرق، حيث خرج الرشيد يوماً من عند زبيدة وهو يضحك، فقيل له: لم تضحك يا أمير المؤمنين؟
فقال: دخلت اليوم إلى هذه المرأة ( يعني زبيدة) فأقلت عندها وبت، فما استيقظت إلا على صوت ذهب يُصب.
قالوا: هذه ثلاثمائة ألف دينار قدمت من مصر.
فقالت زبيدة: هبها إلي يا ابن العم.
فقلت : هي لك ثم ما خرجت حتى عربدت عليّ وقالت: أي خير رأيته منك؟

ونهاية بالغرب حيث اعتماد الرميكية زوجة المعتمد بن عباد: أترف أهل زمانه، فقد دخل عليها وهي تنظر من نافذة القصر على شاطئ النهر، فسألها فأشارت إلى جوار كن يملأن ماءً من النهر وهن حافيات في الطين، فأمر المعتمد بماء الورد وعجن مع المسك والسكر، وجعل في ساحة القصر، فأخذت تسير فيه، فقالت له يوماً: لم أر منك خيراً قط!
فقال: ولا يوم الطين؟!

ومن زوجة أحد الصحابة الفضلاء، والقواد الأفذاذ سعد بن أبي وقاص، وأثناء معركة القادسية حين كان في القصر لقروح أصابته، وعنده امرأته سلمى بنت حفص، وكانت قبله عند المثنى بن حارثة أحد القواد الأفذاذ الذين قتلوا؛ فلما فرت الخيل فزعت وقالت : وامثنياه ولا مثنى لي اليوم؟ فغضب سعد من ذلك ولطم وجهها!.
فقالت: أغيرة وجبناً؟! (يعني أنها تعيره بجلوسه في القصر أثناء الحرب وهذا عناد منها لأنها أعلم بمرضه).

أما في الجاهلية حيث كان صخر أخو الخنساء، في أشد ما يكون من المرض، وكانت أمه وزوجته سلمى تمرضانه، فضجرت زوجته منه فمرت بها امرأة فسألتها عن حاله فقالت: لا هو حي فيرجى ولا ميت فينسى.
فسمعها صخر فقال:

أرى أم صخر لا تمل عيــادتي *** وملت سليمى موضعي ومكاني
لعمري لقد نبهت من كان نائماً *** وأسمعت من كانت له أذنـان
وأي امرئ ساوى بأمٍّ حليلــةً *** فلا عاش إلا في شقا وهـوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعــه *** وقد حيل بين العـير والنزوان


وليس لك إلا أن تردد بعد هذه القناعة قول الشاعر:
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلبٌ في الماء جذوة نار

الوفاء للطرف الآخر
بعد أن يُقدر الله الفرقة أو الشقاق بين الزوجين، يجب أن يتسما بالهدوء، والعقلانية حفاظاً على اللحظات الجميلة التي قضياها سوياً، والذرية التقية التي أنجباها معاً من أن تدنسها الترهات وتُكال لها الاتهامات.

لكل اجتماع من خليلين فرقة *** وكل الذي دون الممات قليل
وإن افتقادي واحداً بعد واحد *** دليل على أن لا يدوم خليل

فهذا نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- كما قالت عنه عائشة رضي الله عنها: "ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين، لما كنت أسمعه يذكرها ولقد أمره ربه -عز وجل- أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب، وإن كان ليذبح الشاة ثم يهدي في خلائلها منها" [رواه البخاري].

ولقد ضربت بعض النساء أروع الأمثلة في الوفاء للطرف الآخر:
تزوج علي بن أبي طالب أسماء بنت عميس؛ فتفاخر أبناها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك وأبي خير من أبيك!
فقال لها علي: اقضي بينهما يا أسماء
فقالت: ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيرًا من أبي بكر.
فقال لها علي: ما تركت لنا شيئا ًولو قلت غير الذي قلت لمقتُّكِ.
فقالت : إن ثلاثة أنت أخسهم لخيار.

قيل لهند بنت أسماء بن خارجه وكانت قد تزوجت بعدة أزواج: من أعز أزواجك عندك وأكرمهم عليك؟
فقالت : ما أكرم النساء أحد إكرام بشير بن مروان، ولا هاب النساء هيبة الحجاج بن يوسف، وودت أن القيامة قد قامت فأرى عبيد الله بن زياد، وأشتفي من حديثه والنظر إليه، وكان من أول أزواجها.


يقول -صلى الله عليه وسلم-: "إن المرأة كالضلع إن ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها استمتعت بها على عوج" [رواه مسلم].

هناك 3 تعليقات:

د/اجدع بنوته يقول...

تدوينه اكثر م رائعه
حقيقى شابوووووو
وفيت وكفيت .. وسلمت يمناك

elgalaly يقول...

شكرا يا يادوك ياسمين

aya khatab يقول...

انت دايما مختلف